كيف يحقق المسلم التوحيد ؟
يحقق التوحيد بالإخلاص لله عز وجل، وأن تكون عبادته لله تعالى وحده لا يرائي فيها ولا يحابي فيها، وإنما يعبد الله مخلصا له الدين، هذا بالنسبة للعبادة. كذلك أيضا بالنسبة للربوبية: لا يعتمد إلا على الله، ولا يستعين إلا بالله، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لابن عمه وهو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ( يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك). وعليه أن يسأل الله دائما الثبات على الحق وعلى التوحيد، فإن كثيرا من الناس وإن كان معه أصل التوحيد لكن يكون هناك أشياء منقصة، وأضرب لك مثلا شائعا عند الناس يتهاونون به، وهو الاعتماد على الأسباب، فإن من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قدر للأشياء أسبابا: فالمرض قدر الله للشفاء منه أسبابا، والجهل قدر الله تعالى للتخلص منه أسبابا، الأولاد قدر الله لهم أسبابا، وهلم جرا. فبعض الناس يعتمد على السبب: فتجده إذا مرض يتعلق قلبه تعلقا كليا بالمستشفى وأطبائه، ويذهب وكأن الشفاء بأيديهم، وينسى أن الله سبحانه وتعالى جعل هؤلاء أسبابا قد تنفع وقد لا تنفع، فإن نفعت فبفضل الله وتقديره، وإن لم تنفع فبعدل الله وتقديره، فلا ينبغي بل لا يجوز أن ينسى الإنسان المتسبب ويتفكر للسبب، نعم نحن لا ننكر أن السبب له تأثير في المسبب، لكن هذا التأثير إنما كان بإذن الله عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى في السحرة: ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) قال ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ). فالمهم أن تحقيق التوحيد هو تعلق القلب بالله تبارك وتعالى خوفا وطمعا، وتخصيص العبادة له وحده.