الحكم بغير ما أنزل الله… !!!
هذا فيه تفصيل ، وهو أن يقال : من حكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم أنه يجب عليه الحكم بما أنزل الله ، وأنه خالف الشرع ، ولكن استباح هذا الأمر ، ورأى أنه لا حرج عليه في ذلك ، وأنه يجوز له أن يحكم بغير شريعة الله فهو كافر كفرا أكبر عند جميع العلماء ، كالحكم بالقوانين الوضعية التي وضعها الرجال من النصارى أو اليهود أو غيرهم ، ممن زعم أنه يجوز الحكم بها ، أو زعم أنها أفضل من حكم الله ، أو زعم أنها تساوي حكم الله ، وأن الإنسان مخير إن شاء حكم بالقرآن والسنة ، وإن شاء حكم بالقوانين الوضعية .. من اعتقد هذا كفر بإجماع العلماء كما تقدم .
أما من حكم بغير ما أنزل الله لهوى أو لحظ عاجل ، وهو يعلم أنه عاص لله ولرسوله ، وأنه فعل منكرا عظيما وأن الواجب عليه الحكم بشرع الله ، فإنه لا يكفر بذلك الكفر الأكبر ، لكنه أتى منكرا عظيما ومعصية كبيرة وكفرا أصغر ، كما قال ذلك ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أهل العلم ، وقد ارتكب بذلك كفرا دون كفر ، وظلما دون ظلم ، وفسقا دون فسق ، وليس هو الكفر الأكبر ، وهذا قول أهل السنة والجماعة ، وقد قال الله سبحانه : (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) المائدة/49 ، وقال تعالى : (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) المائدة/44 ، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) المائدة/45 ، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) المائدة/47 ، وقال عز وجل : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)النساء/65 ، وقال عز وجل : (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) المائدة/50 ، فحكم الله هو أحسن الأحكام ، وهو الواجب الاتباع ، وبه صلاح الأمة وسعادتها في العاجل والآجل ، وصلاح العالم كله ، ولكن أكثر الخلق في غفلة عن هذا ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ...