الذِّكْرِ عند الأذان وبعده
فصل: فيما شرعه صلى الله عليه وسلم لأمته من الذكر عند الأذان وبعده
وأما هديه صلى الله عليه وسلم في الذكر عند الأذان وبعده، فشرع لأمته منه خمسة أنواع:
أحدها: أن يقول السامع كما يقول المؤذن، إلا في لفظ: (حى على الصلاة)، (حى على الفلاح) فإنه صح عنه إبدالهما بـ (لا حول ولا قوة إلا بالله) ولم يجئ عنه الجمع بينها وبين: (حى على الصلاة)، (حى على الفلاح) ولا الاقتصار على الحيعلة، وهديه صلى الله عليه وسلم الذي صح عنه إبدالهما بالحوقلة، وهذا مقتضى الحكمة المطابقة لحال المؤذن والسامع، فإن كلمات الأذان ذكر، فسن للسامع أن يقولها، وكلمة الحيعلة دعاء إلى الصلاة لمن سمعه، فسن للسامع أن يستعين على هذه الدعوة بكلمة الإعانة وهى: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم).
الثانى: أن يقول: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وأخبر أن من قال ذلك غفر له ذنبه.
الثالث: أن يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من إجابة المؤذن، وأكمل ما يصلى عليه به، ويصل إليه، هي الصلاة الإبراهيمية كما علمه أمته أن يصلوا عليه، فلا صلاة عليه أكمل منها وإن تحذلق المتحذلقون.
الرابع: أن يقول بعد صلاته عليه: (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد) هكذا جاء بهذا اللفظ: (مقاما محمودا) بلا ألف ولا لام، وهكذا صح عنه صلى الله عليه وسلم.
الخامس: أن يدعو لنفسه بعد ذلك، ويسأل الله من فضله، فإنه يستجاب له، كما في (السنن) عنه صلى الله عليه وسلم: (قل كما يقولون - يعنى المؤذنين - فإذا انتهيت فسل تعطه)
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم..